مستقبل الذكاء الاصطناعي

مستقبل الذكاء الاصطناعي

ربما نتساءل، إلى أين ستصل بنا التكنولوجيا اليوم، وما هو مستقبل الذكاء الاصطناعي، الذي بدت ملامحه تقوى أكثر فأكثر في واقعنا؟ لربما راودتنا هذه الأسئلة كثيرًا، لا سيما، أن الذكاء الاصطناعي والثورة التقنية التي نعيشها اليوم، جعلت حياتنا أكثر سهولة. فما نراه في هواتفنا النقالة مثلًا، أو أنظمة الحماية، وتحديد المواقع في سياراتنا، أو حتى في أنظمة رعاية الصحة، وتطبيقاتنا المفضلة على الأجهزة الإلكترونية، هي جميعها حجر أساس في هذا الطريق السريع، نحو سيطرة الذكاء الاصطناعي على جميع ملامح حياتنا. ولذلك، سنتعرف في مقالنا هذا على تطور الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تأثيره على المجتمع، ومستقبل الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة، وعلاقته بحفظ الخصوصية لمستخدمي التكنولوجيا حول العالم.

تطور الذكاء الاصطناعي AI

بدأت ملامح الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence تظهر منذ ظهور حاسبة تورينغ. وبعد أن ظهرت الحواسيب الضخمة في خمسينات القرن العشرين، تبلورت أكثر فكرة تطوير الحواسيب، لتصبح أكثر سرعة وكفاءة بالعمليات. وبذلك تكون قادرة على الأداء والتفكير كالبشر. لكن مع تطور العلم والتقدم، كان العلماء يحاولون جعل الحواسيب قادرة على التخزين والتحديث الذاتي، وذلك باستخدام البيانات المخزنة داخلها. وكلما كانت البيانات أكثر، كلما كانت المعالجة أفضل. وكون الذكاء الاصطناعي يسهل العمل في مختلف المجالات، فقد كانت له الحصة الأكبر من قبل الصناعيين، وأصحاب الشركات الضخمة التي اعتمدته في إنجاز أعمالها وصفقاتها. وبالتالي، ازداد الطلب عليه.

لعلك لاحظت، وأنت تكتب رسالة نصية على هاتفك، أو حتى عندما تبحث عن موضوع معين على Google، أنه يتم التنبؤ بالكلمة التالية لما كتبته، فهل تساءلت يومًا عن السبب في ذلك؟ إنه وببساطة أحد أبسط أشكال الذكاء الاصطناعي. فبتجميع للكلمات المترابطة في نفس السياق الذي كتبته، سيسهل على Google، أو حتى هاتفك أن يتنبّأ بكلمتك التالية. وهذا ما ينطبق الآن على غالبية الهواتف الذكية، والحواسيب، ومحركات البحث، وغيرها.

تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع

في يومنا هذا، لا يمكننا تخيل حياتنا بلا تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ولهذا، فإننا سنقدم لك مدى أهمية الذكاء الاصطناعي وتأثيره عليك من عدة نواحي، ومن أبرزها:

إضفاء الطابع الشخصي Personalisation

من المؤكد أن تفكيرك مختلف عن تفكير غيرك، وأن قائمة الأغاني التي تفضل سماعها في وقت فراغك، لن تتشابه بشكل كبير مع ما يفضله والدك مثلًا. وحتى المنتجات التي قد ترغب في الاطلاع على أسعارها أو مواصفاتها، لن تكون ذاتها التي ستظهر كإعلانات على هاتف والدتك أيضًا. فهل تساءلت يومًا ما، لماذا تظهر لك باستمرار إعلانات أو اقتراحات مشابهة لأشياء أنت تحبها أو بحثت عنها مسبقًا؟!

ببساطة إنه الذكاء الاصطناعي، وبتجميع لبياناتك المخزنة على السيرفرات، وباستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتعلم الألة “Machine Learning”، سيكون جهازك قادرًا على معرفة ما تحب وما تفضل. وهذا هو الطابع الشخصي الذي يميزك به هاتفك عن غيرك. وبالتالي، يسهّل عليك عملية البحث عما تحب وتفضل ويختصر لك الوقت.

التأثير الإيجابي في حالات الجوائح

ليس ببعيد ما حصل في جائحة كورونا، عندما قامت أشهر الشركات مثل “نتفليكس(Netflix)”، وغيرها مثل “يوتيوب(YouTube)”، و”تيكتوك (tiktok)” أيضًا بتوفير عروض وحفلات، لمشاهدتها وأنت في منزلك. ولربما أنت في الأحوال الطبيعية لن تكون قادرًا على حضورها في ظل غياب الجائحة، بسبب تكلفتها الباهظة. بالتالي، فإن مثل هذه الخطوة لها تأثير كبير على المجتمع. بدءًا من كسب المزيد من المشتركين وصولًا إلى ربط العالم ببعضه البعض، وإلغائه للحدود الفاصلة بين الدول، والتقليل من أخطار العزلة، التي شعر بها سكان العالم نتيجة الحجر المنزلي الذي فُرض عليهم.

دور الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة

بالحديث عن منافع الذكاء الاصطناعي، لن ننسى أيضًا ما قدمه في مجال الصحة. مثلًا، الساعة الذكية لليد والتي تخبرك بمعدل ضربات قلبك، والخطوات الممشية، ومعدل ضغط الدم وغيرها. وفي حال وجود أي اضطراب، تنبهك لمراجعة الطبيب. كما أنك أصبحت قادرًا على محادثة طبيبك أو حجز موعد إلكتروني، ومعرفة وضعك الصحي بتقرير إلكتروني، وغيرها من الخدمات المتقدمة. حتى أن عمليات تعقيم المستشفيات، تتم باستخدام أجهزة إلكترونية تعتمد جميعها على تقنية الذكاء الاصطناعي والحساسات.

من منا لم يشاهد الروبوتات الذكية والتي استعملتها مستشفيات الصين، في ظل تفشي كورونا في ووهان؟ وذلك من أجل إيصال الطعام والأدوية لغرف المرضى، دون الحاجة لتدخل بشري من أجل منع التواصل ونقل العدوى.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة

يمكننا أن نجزم بأن مستقبل الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة، هو حتمًا مستقبل واعد. خاصةً مع التوسع الكبير في انتشاره واستخدامه، وزيادة الطلب عليه حول العالم.

فمن ناحية الأعمال، فإن مراقبة وإعادة تقييم الأوضاع في مجال الأعمال والشركات، هما العمليتان الأساسيتان لبناء المستقبل، ومعرفة التغذية الراجعة “feedback” لما هو متداول اليوم وتحسين خطوط الإنتاج بسرعة كبيرة، من خلال استخدام الروبوتات. وهو الأمر الذي اختصر الوقت والجهد.

تحسين تجارب المستخدمين، هو أحد الأمور الهامة التي تنتج عن الذكاء الاصطناعي. بمعنى آخر، إن تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة بخوارزمياتها الذكية على بناء نظرة شاملة لما يطلبه العميل أو المستخدم. أي بطابع شخصي متطور أكثر مما نشاهده اليوم. وبالتالي، سرعة في اتخاذ قرارات حقيقية سواء من خلال شراء منتج، أو متابعة صفحة على Social Media، أو غير ذلك. ببساطة، إن أفكارك مقروءة بشكل أو بآخر. وكون الأجهزة القادمة في المستقبل ستتضمن بيانات أكثر، فهي بذلك ستكون أذكى، وأكثر سرعة مما هي اليوم.

أما في مجال الصحة، فنحن على موعد مع تطور أكبر مما نشهده اليوم، في مجال الرعاية الصحية المعتمدة على الروبوتات، والعيادات الافتراضية، والإحصائيات القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي أداة مثالية لاستكشاف الكون.

أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي

إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، باتت تغزو العالم بشكل أو بآخر. وسنقدم لك أشهر التطبيقات الموجودة اليوم، كمثال على استخدام الذكاء الاصطناعي، ومنها:

  • Manufacturing Robots: أصبح تصنيع الروبوتات اليوم الهدف الذي تتسابق عليه الشركات التكنولوجية، وذلك للمنافسة فيما بينها بسرعة استجابة الروبوتات، والذكاء، والحركة.
  • Self-driving Cars: سيارات القيادة الذاتية والتي تستطيع من خلال الحساسات، والكاميرات المركبة بداخلها استشعار ما حولها، والقيادة باستخدام نظام GPS العالمي لتحديد المواقع دون الحاجة لتدخل بشري.
  • Smart Assistant: وربما من أشهر أمثلته اليوم هو “Google Assistant”، وهو تطبيق يمكّنك من التحكم بتطبيقات هاتفك، دون الحاجة للمس الهاتف بل باستخدام الصوت فقط.
  • Disease Mapping: وهي التقنية التي يتم من خلالها تحديد انتشار وباء أو مرض ما في منطقة جغرافية.
  • Inter-team Chat Tool: ومثال عليها غرف الدردشة الجماعية التي تسمح لك بالاتصال بأكثر من شخص في نفس الوقت، وإقامة الاجتماعات online مثلًا.
  • Natural Language Processing tools (NLP): وهي الأدوات الذكية التي تجعل لغات البشر المختلفة واضحة للحواسيب والآلات، وذلك من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات بوقت قصير جدًا لا يتعدى الثواني.
  • Smart Home Systems: أصبحت مُعتمدة بكثرة بحيث يمكنك التحكم بالنوافذ والتدفئة، الأبواب والإنذار، وكل شيء في منزلك عن بُعد، وباستخدام هاتفك الذكي.

وكما أن لكل شيء فوائد وأضرار، فإن ذلك ينطبق أيضًا على الذكاء الاصطناعي. فعلى الرغم من قوة هذه الثورة التكنولوجية الضخمة، وتقليصها للجهود، وتوفيرها للوقت، إلا أن سلبياتها باتت تلوح في الأفق. فالاعتماد الكبير عليها، يؤثر في التواصل الحقيقي بين البشر. كما أن خلل تقني بسيط، قد يكون سببًا بانهيار في أنظمة عملاقة تعتمد عليها. فهل نحن مؤهلين تمامًا لما ينتظرنا في السنوات القادمة أم لا؟!

عن الكاتب

اترك تعليقاً

Scroll to Top
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لنمنحك أفضل تجربة ممكنة على موقعنا. بالمتابعة في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
قبول
سياسة الخصوصية